Posts Tagged ‘بساطة الحياة’

أولًا يجب أن أعترف بأنني أحب هذه الكلمة، وأشعر أنّه مهم جدًا أنْ نُعبّر عن هذا الإحساس الجميل (الإمتنان) قدر المستطاع، ولا أنْ يكون تعبيرنا فقط ب شكرًا..

كنت في نقاشات كثيرة مع نفسي مؤخرًا حول نوعية الحياة التي أريدها لنفسي وسط هذا الضجيج وزحمة الحياة الواقعية والرقمية على الانترنت.. وفي اليومين الماضيين كنت في نقاشات مماثلة مع أصدقائي عن نفس الموضوع..

أحد الأصدقاء كان يتكلم عن ضعف إرادته أمام الأنشطة خارج المنزل بعيدًا عن طاولة الإلتزام في الجامعة أو العمل على تطوير الذات والمهارات، و أمام إعجابه لأن يكون مشغولًا كل الوقت.. يقضي كل وقته بين الناس والرفاق، هنا وهناك، يفعل ويحضر كل حدث وحفلة واجتماع ممكن، المهم عنده ألا يكون في بيته أو يشعر بالالتزام أو مع نفسه فقط..!

سألته لماذا؟! قال لأنه يشعر بالملل…

نعم، هو ليس الوحيد الذي يشعر بالملل، الكثير منا اليوم هكذا، وأنا منهم أيضًا، فالالتزام والمثابرة أمام طاولة الدراسة كل يوم، أو تطوير المهارات

والتعليم الذاتي رغم العمل 8 ساعات كل يوم، أو متابعة نظامنا الغذائي والاجتهاد في التمارين الرياضية هي أمور غير مريحة، وتسبب الملل وأحيانًا

معاناة وألم لأن نتائجها الرائعة المشعلة للحماس بطيئة و بعيدة المدى، لا تظهر إلا بعد مثابرة واجتهاد نصف سنة على الأقل..

لا نحتاج فقط لرسم الخطط والاجتهاد وتحفيز الذات كلّ يوم لتحقيقِ أهدافٍ رائعة بعيدة المدى، ولكن أيضًا لشعور بالرضا والامتنان لكلّ ما نعيشه أثناء المسير في هذا الطريق..

فمثلًا ما أسعى الوصول إليه في حياتي اليوم هو البساطة، وأنا مؤمن حاليًا بأنّ الشعور العميق بالإمتنان، سيجعل الحياة أكثر بساطة وغنى..

أجمل مثال يمكن أن أقدمه لهذه البساطة في الواقع اليومي، هو الابتعاد عن ضخب الحياة والأجهزة الإلكترونية، واللجوء للسكون والهدوء، ومراقبة النفس والروح، وتقدير ذلك..

تخيّل أنْ تخرج من المنزل بدون أجهزة الكترونية، بدون كتاب أو قلم وورقة، بدون أيّ شي غير مفتاح المنزل…

لا تواصل أو كلام مع أحد، لا مواصلات ولا احتكاك مع الناس من أي نوع…

ربما تريد الجلوس في حديقة أو فقط التنزه في مكان ما..

اسأل نفسك.. ما الذي سأجنيه من ذلك؟ هل هذا مفيد أو إنتاجي؟ هل هو ممتع أو مُسلّي؟

الإجابة لا شيء من ذلك على الإطلاق..

أنت هناك مع نفسك فقط، لا رغبة جارفة بتفقد هاتفك أو الشبكات الاجتماعية أو أي ملهيات أخرى..

هناك لديك الفرصة لتعطي نفسك كل الانتباه..

أنت مع نفسك فقط، لديك كل الطاقة والتركيز لتشعر بكل ما يشعر به جسدك، لتراقب روحك، لتستشعر تنفّسك، لتتمتع بالضوء والطبيعة حولك، بأصوات الحياة أو ضجيجها من حولك.

لتراقب ألوان هذا العالم المختلفة، كيف يكافح العالم ليستمر وكيف تزدهر الحياة..

كلما أعطيتَ نفسك انتباهًا و اهتمام أكبر، كلما أدركت ماهية هذه الهبة العظيمة.. كلّما امتننت أكثر لقيمة ونفاسَة كل شيء!

بهذا الشعور يعود –كل يوم- الحافز والنشاط الدافع لتحقيق ما نريده في حياتنا، على مستوى الدراسة و العمل، أو على مستوى العلاقات الإجتماعية، أو على مستوى تنظيم الوقت والطاقة وممارسة الهوايات والشغف..

الإمتنان تزدهر به أرواحنا و يتغلب على كلّ ملل، ولكن إن مَكنّاه فقط!