أرشيف لـ11/11/2015

بعد يوم طويل نقضيه أمام الشاشات المضيئة (حاسوب، موبايل، جهاز لوحي..) نعرّض فيها عيوننا لضوء مرهق ومتعب لخلايانا العصبية وبالتالي ذهننا، ربما يلاحظ من يقرأ ويكتب كثيرًا أو يدرس أو يبرمج أو يلعب أو يشاهد الفيديوهات أمام هذه الشاشات المضيئة أنّ يومه يكون مرهق جدًا، وأن نظام نومه يضطرب بشدّة، وذهنه وعيونه تتعب كثيرًا أو حتى تؤلمه.

هذه الأمور كلّها حصلت مع كاتب هذه المقالة، وأصبح هذا الأمر الخطير يحتاج لبحث فيه، والنتيجة كانت جيّدة جدًا، فلكل مشكلة حل، شكرًا للعلم دومًا.

المشكلة هي أنّ هذه الشاشات كـ (LCD, LED, IPS …) ومهما كان نوعها، فهي تصدر ضوء مجال لونه أزرق، وهو المجال الأكثر وجودًا في النهار، وبالتالي فإنّ عقلنا عندما يتقلى هذا الضوء فهو يعتبر أنّنا في الصباح أو الظهيرة فينشّط نفسه ليعمل بقوّة في هذا اليوم، فيزداد ضخ الدم للدماغ وتتنشّط العضلات والخلايا العصبيّة.

وعندما نقضي ليلنا أمام الشاشات المضيئة نقرأ أو ندرس أو ندردش أو نتصفّح الشبكات الاجتماعيّة، فنحن في الحقيقة نخبر دماغنا أنّنا في النهار لتلقيه هذا النوع من الضوء، فنصاب كما نرى اليوم، إضرابًا في النوم واختلالًا في نظامه، فلا نطيق الاستيقاظ صباحًا فنقوم متكاسلين مرهقين وكأنّنا كنّا نحارب في نومنا !

تأثير مجالات الألوان على الذهن والبدن لوحظ من وقتٍ طويل، بدايةً لوحظ تأثير ذلك على هجرة الطيور، وتأثّر ساعاتها البيوليوجية بمجال الألوان، وهذه الأبحاث تطوّرت واستمرّت على الإنسان بعد اكتشاف مستقبل عصبيّ ضوئي اسمه Melanopsin ، كل الخلايا العصبيّة الموجودة في الشبكيّة كانت معروفة، ولكنْ منذ 15 عامًا اكتشفت هذه الخلايا الجديدة والتي لوحظِتْ حساسيّتها لمجال اللون الأزرق بأطوال موجات 460-480nm، ودُرِسَ بعد ذلك تأثيرها بدقّة على النوم.

لتعرف ما هو اللون أصلًا؟ وما تأثير مجال اللون الأزرق على الإنسان؟ حمّل هذا البحث من هنا (بالانكليزية)

المفروض أنّ يكون نومنا ليلًا، فيكون النوم هو وقت الراحة للجسم والذهن ووقت ترمم فيه كل خلايانا وأهمّها العصبيّة ذاتها، وتترسّخ الذاكرة، وتستريح العضلات؛ فعندما نصحى صباحًا نكون في أفضل حالاتنا الذهنيّة والبدنيّة.

في الحقيقة هذا التعرّض المستمر والطويل لهذه الشاشات، لا يضرّ بالنوم الذي يعتبر أهم عملية حيويّة للجسم، ولكنّه يؤثر على جسم الإنسان بأشياء كثيرةً جدًا.

ما الحل الذي جئناكم به ؟

هناك بعض التطبيقات التي بُنيتْ على هذا الأساس العلمي، وعملها يكون بمنع الشاشات بإصدار الضوء من المجال الأزرق في الليل، وتصدر بدلًا منها ضوءًا في المجال الأحمر.

أفضل هذه التطبيقات على الإطلاق هو f.lux وهو مبني على بحث علميّ دقيق يمكنكم الإطلاق عليه من هنا.

في هذه الصورة نلاحظ مجال الألوان الصادر عن Macbook Air 2011

flux_beforeوفي هذه الصورة مجال الألوان عن ذات الجهاز بعد استخدام هذا التطبيق.

flux_after

وهو يعمل على كل الأنظمة (Windows, Mac, iOS and Linux)، أنصحكم مباشرةً بتجريبه، ما عليكم سوى أن تعطوه إحداثيات مكانكم (جوجل يعرفها إنْ سألتوه عنها)، أو تكتبوا اسم مدينتكم وهو سيُبَرمَج على أوقاتِ الشروق والغروب في بناءً على موقعكم، وعندما يحين وقت غروب الشمس، سيمنع الأشعة الزرقاء من أذيّة عيونكم.

وهناك تطبيق لأندرويد اسمه Twilight يعمل نفس العمل.

بعد التجربة، كل يمكن أن ننصح به، هو أن تجربوا وتحكموا بأنفسكم.

كُتبتْ هذه المقالة لعنب بلدي أون لاين.